زكي فطين عبد الوهاب، حائر بين عائلة فنية عريقة، وأحلام التحقق الذاتي والطيران بعيدًا عن الخط المرسوم لكن الحياة تحت مظلة الحلم كان لها رأي آخر!
شخصية درامية بامتياز، كما لو أنها خارجة للتو من إحدى روايات ميلان كونديرا. بطل نبيل، حالم، أينما يذهب، ودون جهد يذكر، يحاط بحب وإعجاب النساء وصداقة وعطف الرجال. هكذا كان زكي فطين عبد الوهاب (1955- 2022)، منذ أن التقيته للمرة الأولى عقب عرض فيلمه الأول والأخير كمخرج “رومانتيكا”، الذي شهد واحدة من أغرب القصص في تاريخ السينما المصرية، إذ دبَّت الخلافات بين مخرجه ومنتجته مي مسحال انتهت بتخليه عن الفيلم، وقيام المنتجة مع بعض الأصدقاء باستكمال توليفه، وعُرض دون حضور أو موافقة المخرج.
لم يكن زكي فطين عبد الوهاب شخصية سهل التعامل معها، أيضًا. فبالرغم من دماثته وهدوءه الظاهرين، كان عصبيًّا، عنيدًا، قلقًا “كأن الريح تحته”، كما يقول المتنبي، أو كما يقول التعبير الإنجليزي الدقيق outsider، لا منتميا، عنوان كتاب المفكر كولين ويلسون الشهير عن الفلسفة الوجودية والشعور بالاغتراب لدى الإنسان الحديث، أو displaced كما يقول عنوان مذكرات المفكر إدوارد سعيد، الذي عاش مشاعر الاغتراب والشعور بأنه “في غير محله” طوال حياته.
من نسل الآلهة
أول ما يلاقيك فيما يتعلق بزكي فطين هو نسبه، الذي ينتمي لاثنتين من أشهر
العائلات الفنية في مصر. وهو قدر ظل يحاصره منذ طفولته وحتى مماته. يبدأ فيلم “رومانتيكا” ببطله المخرج الشاب حسن (ممدوح عبد العليم) المعادل لأنا alter ego عبد الوهاب نفسه، داخل شقته، مستلقيًّا فوق “منامة” معلقة، مستاءً، يشرب الخمر، محاصرًا من كل الجوانب بصور عائلته: صورة عملاقة لوالده المخرج الكبير فطين عبد الوهاب تتصدر حائط شقته، وبجوارها صور لخاله منير مراد، وأخرى لعمه سراج منير، ورابعة لأبيه، وصور عائلية أخرى تضم أطفالاً، وبين هذه الصور تظهر بعض صور لأمه المطربة الكبيرة ليلى مراد بأحجام مختلفة موزعة داخل الشقة.