ماذا فعلت الأشباح حين تحركت في المدينة.. وأين اختفت قوتهم غير المنظورة؟ هل أعادوا المدينة من موتها؟ وما مصير المدينة التي حاول الأشباح إيقاظها؟
يا شبح!
هكذا ينادي المراهقون في القاهرة على أنفسهم في الشوارع والميادين والدروب الضيقة.. يتخيلون أنفسهم أشباحًا يعبرون مدينة ميتة..
ظهر النداء كأنه لغة سرية مع أول عشر سنوات في الألفية الجديدة. وانتشر عابرًا مناطق استخدامه الأولى ليدخل لغة الحوار اليومي العمومية، دليلاً على القوة غير المنظورة.. أو نداءً جماعيًّا لأشباح لا نراها وتعيش بيننا، وبالتأكيد تمتلك قوة يمكنها أن تنقذنا.. هذا النداء على الأشباح بداخلنا ربما عودة إلى الثقة بالذات.. أو استدعاءً للحظة يتحرك فيها أشباح لم يرصدهم لا مخبرو البوليس،
ولا منظرو السياسة الكلاسيكيون.
ماذا فعلت الأشباح حين تحركت في المدينة..
وأين اختفت قوتهم غير المنظورة ؟ هل أعادوا المدينة من موتها؟ وما مصير المدينة التي حاول الأشباح إيقاظها؟ وماذا يحدث فيها؟
سؤال صعب، بعدما أصبحت القاهرة رهينة المخطط الغامض الذي يتحرك فيه البلدوزر محميًّا بقوة جبارة وإرادة حديدية لا تطيق المناقشة..
وأنا أفضِّل أنواعًا أخرى من الأسئلة: هل نترك المدينة تموت؟
نقيم حفلة بكاء جماعي تقودها أوركسترا غارقة في النوستالچيا؟
أم نكتفي بالفرجة عليها في معرض الجثث؟
هذه أسئلة لا تهتم كثيرًا بالمعمار الجميل؛ الذي أحبه وأتمعن فيه؛ لكنني مع ڤالتر بنيامين حين يرى في العمارة جمالاً محنطًا، أو قناعًا جنائزيًّا للقبح في علاقات المدينة من خلفه..
لماذا إذن نشعر بالألم والارتباك كلما خرج موظفون من مكاتبهم وقطعوا الأشجار؟ أو دمروا حديقة لبناء مشروع استثماري؟ أو بدأوا حفرياتهم في شارع كان يسمح بالمشي والتجول؟
هذه ليست مجرد “زينة” لتجميل المدينة، بل علاقات بنيت ونمت وتطورت ارتبط فيها الجمال بعناصر