وجدت فراشة مصلوبة بالدبابيس في أولى صفحات كتاب سلمى الطرزي «محاولة لتذكر وجهي» وهو ليس كتابًا بالمعنى السائد والفراشة ليست فراشة!
سلمى الطرزي منحتنا فرصة خفيفة وعميقة لنشاركها رحلة استمرت 30 عامًا من محاولتها لدخول غرف ذاكرتها.. لماذا هي سوداء؟
أناقة (الأسود كاشف ومحدد)؟
حزن؟ رعب؟ قتامة؟
الأسود يجعل الغرفة تبدو ثقبًا؟ غموض؟ ماذا في هذه الغرف يجعلها سوداء في مخيلتنا الكسول؟ هل لها أبواب؟ بالتأكيد لها أبواب لكن غير مرئية.. هل نشعر بها حين نعبرها؟
ليس دائماً.. هل يمكن أن نغلقها ونستريح في انتظار النهاية لتسهم في فك شفرات حياتنا مثل الصناديق السوداء في السفن والطائرات؟
مع سلمى سنرى رحلة بالكتابة والرسوم والفراغات في تصميم الصفحات يتوزع عليها المكتوب والمرسوم، إيقاع يتيح لنا علاقة لا تستريح بإسقاط تواريخنا العاطفية الجاهزة مع زيارات إلى مثل هذه الغرف.
1. الفراشة في موتها
في الحياة قسوة؛ لا يمكن فصلها بسهولة عن لذتها. هذه القسوة من أجل بناء ماكينة ضخمة، نحن تروسها أو فراشاتها المحترقة، كما يحلو للرومانسيين المتمتعين بحظ وافر من النرجسية أن يحجزوا لأنفسهم مكان الفراشة ويتمنوا أثرها. ويخافوا من مصير الترس الحائر الدائر لتحقيق وظيفة الاستمرار.
وبين التروس والفراشات وجدت الفراشة المصلوبة بالدبابيس في أولى صفحات كتاب سلمى الطرزي “محاولة لتذكر وجهي” وهو ليس كتابًا (بالمعنى السائد؛ والمتعارف عليه) كما أن الفراشة ليست فراشة؛ بل هذا الكائن الذي اصطلحنا في مصر على تسميته “أبو دقيق“.
هو أقرب إلى كائن آخر يسمى بالإنجليزية Moth ولا يرمز إلى الموت بالتحديد، ولكن إلى الاختفاء، أو القدرة على أن تلقى بنفسك في حياة أخرى داخلك، وتتماهى معها مع الاحتفاظ بالفراغ القاسي بين الحياتين؛ فراغ يشعرك بآلام الوحدة، وتحتاج من حين