لم أعد أمشي كثيرًا بعد ما انسحبنا من الشوارع، ربما لهذا لست متحمسًا لقطع مسافات طويلة على شاطئ البحيرة مثل سكان المدينة الذين طالبوا بممشى أطول..
وقع الخطوات على خشب أرضية التراس يبدو كنقرات حذاء بكعب عال. خمنت أنها هي. قمت من السرير إلى الصالة بخطوات متسللة في الظلام لكي لا أحدث صوتًا، ذهبت أولًا إلى لوحة الإضاءات، شغلَّت الضوء، ثم إلى نافذة التراس وبهدوء أزحت الستائر. كانت هناك، مستلقية على الأرض توشك أن تنام. انتبهت إليّ ورفعت رأسها وهي تفتح عينيها بصبر نافد. أنا شغلت ضوء الصالة حيث أقف لا ضوء التراس، كان ذلك كافيًا لإزعاجها.
نظرت إليّ لثوانٍ من خلف زجاج نوافذ التراس الممتد من السقف للأرض، قبل أن تقوم بتثاقل وتخطو في ظلام الحديقة. كانت الغزالة تنظر إليَّ من
خلف الزجاج؛ أنا في النور وهي في إضاءة خافتة متسللة إليها. أنا أحدق فيها وهي بالكاد تفتح عينين ناعستين. كأنها تحلم بي.
متعاطف مع الشيوعيين
في 2010 صوّت 55% من سكان مدينة لاتور دي بيه La tour de peilz، في كانتون فود Vaud، في سويسرا لصالح إنشاء ممشى يمر بكامل شاطئ بحيرة جنيف المنتمي للمدينة، ليتمكن سكانها وزوارها من المشي على طول الشاطئ دون الاضطرار للالتفاف حول مجموعة من القصور والفيلات والمنشآت الخاصة التي تقع على البحيرة مباشرة وتتمتع بجزء منها كشاطئ خاص. عرفت ذلك في دردشة عابرة في حديقة إقامة
الفنانين في لابيك La Becque، التي تتمتع بجزء من البحيرة كشاطئها الخاص، كما حولها من القصور والفيلات. كنت أشرب الشاي وأبتسم ساخرًا من نفسي وأنا أفكر أن هذه واحدة من اللحظات القليلة التي يمكنني بخفة أن أشعر بالتناقض بين مصلحتي الخاصة وبين مطلب “يساري”، مصلحتي الشخصية هنا طبعًا هي مجرد مصلحة مؤقتة لمدة ثلاثة شهور حيث أتمتع بمنحة الإقامة الفنية والتفرغ للكتابة بينما أتطلع إلى هذا المشهد الجميل لجزء خاص من شاطئ البحيرة خاليًا من البشر وهادئًا، في انتظار أن يتجلى شيء من إحدى قمم سلسلة جبال الألب على الضفة الأخرى،