إذا كانت هذه هي لحظة ظهور الحكاية، فإن حضورها المتواتر يحقق نفسه كلما صار من الممكن التقاط فعل ما وهو يخوض لحظة إزاحته أي لحظة احتضاره وإطالته!
الحكاية
ظهرت “الحكاية” بوصفها صيغة ترابط معرفي في إطار رهان التمثيل على حفظ وتأكيد ذاته، ومن ثم لا نعنى بالحكاية هنا تلك الممارسات السردية اللغوية التي عادة ما يشير إليها هذا اللفظ، فالحكاية التي نعنيها هي تلك الآلية التي تنتج الترابطات الإبستمولوجية التي تجعل اللغة نفسها ممكنة. والحكاية هي حالة خاصة للتمثيل، إنها مدونته التي يتم عبرها إجراء وإتاحة كل ما يهدف إلى حفظ وتسجيل واستعادة ما يتعلق بالفعل القابل للتكرار داخل الحدث، ذلك الفعل الذي يشكل لحظة بروز عارم للعب القوى عبر نتوء يطالب بالاستجابة لذاته
وإفساح الطريق أمامه، والحكاية تعمل هنا بوصفها شبكة تحاول الإحاطة بهذا البروز، وإطالته، وتأطيره، أي أنها تشكل طليعة التمثيل في التعاطي مع ما يعده النقطة الأكثر كثافة في شبكة تقاطعاته مع عالم القوى.
وهكذا، فضمن فئة متسعة من الممارسات الإنسانية ستحاول “الحكاية” دائمًا أن تضع توقيعها على الفعل القابل للتكرار والذي يشكل حالة مميزة وفريدة في علاقتنا بعالم القوى، ففيما يتعلق بما هو إنساني فإن مجال الفعل يظهر بوصفه منطقة السماح التي تهبها القوى لنا، أو لنقل إنه يأتي بمثابة قطعة أرض منحنا إياها هذا الإقطاعي الكوني لنقوم على زراعتها طبقًا لقوانينه
ونظمه وباستخدام موارده وطاقاته ولصالح زيادة استثماراته وثرواته في النهاية، ومن ثم فمع ظهور الحكاية التي ستتصدى لمضاعفة استثمارات القوى في مجال الفعل فإن هذا يعني أننا هنا أمام حالة خاصة لعالم القوى وقد بدأ في الوعي بنفسه، والتصدي لذاته، واستثمار وجوده، وهي حالة موضوعها الرئيسي ومجال حضورها وظهورها هو “نحن”!
ستحاول الحكاية إذن أن تنشط تجاه خلق الترابطات (الاستعارية والكنائية) بين تمثيلات الفعل الإنساني داخل الحدث، وتحفيز طرق استحضاره، ولكنها بوصفها تمثيلاً في النهاية فلن تستطيع أبدًا القبض على حضور هذا