كان تحوُل الأزبكية مع نهاية القرن الخامس عشر إلى حي كبير للأثرياء استشرافًا لتحول اقتصادي واجتماعي كبير!
كيف نشأت العتبة؟
تختزن العتبة؛ مجرد الكلمة، كثافة أكثر قليلاً من قرن ونصف القرن، وتنطوي على طبقات من التحولات؛ حادة وناعمة، وازدهار وأسن، وهي اليوم إذ تطل على مشارف تحول جذري وحاسم تنبِّه إلى أهمية تفكيك كثافتها تلك، والطلة على المخاطر الهائلة التي قد تجلبها تحولاتها المقبلة.
هي جزء مركزى، حديث نسبيًّا، ضمن إطار أوسع، كثيف بدوره، ربما أعمق كثافة وأبعد مدى؛ وهو الأزبكية.
الحديث عن النشأة ضروري؛ وقد يكون دالاً، ليس فقط لفهم الثقل الهائل الذي يدمغ به الاسم وقائع التاريخ وتحولات
المكان، وإنما اتصالاً بالواقع أيضًا، وربما بالغد القريب.
نسبة الأزبكية تعود لمُنشأها الأول: الأتابك سيف الدين أزبك من ططخ الظاهري، والسنة 880 ه (1475)، واسم الرجل كله يبدو لغزا الآن.
الأتابك، وفقًا للمعجم الكبير، لمجمع اللغة العربية: لفظ تركي مكوَّن من قسمين (آتا = أبٌ، بك = سيد)، وهو لقب سلجوقي، أطلق على أكبر أمراء الجيش في الدولة المملوكية، واسمه أزبك، أما “سيف الدين” فهو لقبه الأول، إذ اعتاد رجال السيف والقلم في دولة المماليك حمل ألقاب مضافة للدين، بعضها ذو صفة مدنية مثل:
جلال الدين، تقي الدين، جمال الدين، كريم الدين؛ بينما حمل العسكريون ألقابًا ذات صلة بالبأس والقوة مثل: سيف الدين، ركن الدين، عز الدين..
وأما “من ططخ“، تلك فهي علامة “العبودية” الأولى، فـ «ططخ» هو التاجر الذي جلبه صغيرًا إلى مصر ليباع مملوكًا، و«مِن» هي نسبة اعتاد المماليك استخدامها فينسبون بعضهم للتاجر (الجلَّاب) إما بأن يقال فلان من فلان، أو أن يُنسَب مباشرة للتاجر كقولهم «قايتباي المحمودي» نسبة إلى جلابه المدعو محمود، والظاهري ليس نسبة إلى المذهب الظاهري، كما قد يظن البعض، بل إلى مالكه، فقد كان