لم أكن أعرف عن المتنبي شيئًا سوى ما قالته لي أختي حين سألتها في تلك اللحظة "شاعر قديم لقب بالمتنبي لأنه قال عن نفسه إنه نبي"!
هل قتل أجدادي المتنبي؟
لا أذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم المتنبي وعرفته، ولكني أذكر بالتأكيد المرة الأولى التي سمعت بها اسم “أبو سورة”، كان الاسم يرد في سياق الحديث كنقطة دالة لوصف أماكن قريبة من نهر دجلة، مثل جسر مدينة النعمانية، ومنطقة الكرادة الزراعية وغيرها من الأماكن في قضاء النعمانية غرب محافظة واسط.. كنت في سنوات طفولتي الأولى حين سمعت الاسم وبدأ يتكرر كثيرًا بعدها بحيلة يفعلها الدماغ حين تطرأ عليه معلومة جديدة. وكونت عن هذا الاسم صورًا عديدة، إنه اسم مكان بالطبع ولكن
خيالات الطفولة صوّرته لي شخصًا يدير مكانًا للأفعال الشريرة، وهذا التصور سببه أن الاسم كان يستخدم كشفرة بين أولاد المنطقة إذا ما أرادوا الانطلاق في مغامرات صبيانية شقية فيها شيء من الخطورة بالنسبة لطفل مثلي.
كانت الشفرة تحديدًا “مشروع أبو سورة”، وهو جدول متفرع من نهر دجلة يمتد عبر بساتين الكرادة لغرض إرواء الأراضي الزراعية غرب مدينة النعمانية. ومن خلال أحاديث أولاد المنطقة العائدين من “مشروع أبو سورة” بشعورهم المبلولة وجلودهم التي تجدد خلاياها بعد تعرضها لأشعة الشمس، بدأت أعرف تفاصيل أكثر عن
المكان تخفَّز خيالي لكنها تُزيد الغموض ولا تبدده، عرفت أن مشروع أبو سورة هو فرصة الأولاد لممارسة السباحة الآمنة.. لأنهم يخافون من الشط، نهر دجلة، وهذا الخوف القادم من اعتقاد شعبي سائد وهو أن “الشط كل سنة يأكل واحد” لذلك يخاف أي ولد في عمر الصبا أن يكون هو الواحد الذي سيأكله شط دجلة.
بعد ذلك عرفت عن طريق العائلة أن أبو سورة هو اسم لمرقد الشاعر المتنبي، لم أكن أعرف عن المتنبي شيئًا سوى ما قالته لي أختي حين سألتها في تلك اللحظة “شاعر قديم لقب بالمتنبي لأنه قال عن نفسه بأنه نبي”.. بعد ذلك