اللباد الذي يبني مدنًا ثم يهدمها

الزيارة الأولى والأخيرة

اللباد الذي يبني مدنًا ثم يهدمها

  • أسبوعي
  • نص
  • كتابة

لماذ كان محي الدين اللباد مختلفًا؟ هذه الخلطة بين الولع الذي يتابع بعين واسعة الصور في كل مكان ويصنع منها صورة جديدة متخيلة بلا قيود بتوقيعه هو..

مثل محارب قديم يزور أرض المعركة بعد انتهاء الحرب، يمضي إلى مكتبه. عملاقًا في مدينة كرتون، بناها أمس ويفكر في هدمها كل يوم. يحمل عصا بنية، لكنها لا تلمس الأرض. ودولابه يغصّ بأقلام وألوان. الأوراق على هيئات مختلفة مفرود ينتظر، أو ملفوف على وشك المغادرة، صغير يسجل ملاحظة أو موعد كذاكرة إضافية. أو ضخم كقطعة من جدارية محمولة.
لم يتغير اللبّاد! شغوف بالجديد، دون أن يخبوَ ولعه بالقديم. هكذا رأيته في أول زيارة لمرسمه. لم أعرف أنها الأخيرة، تصورت وقتها أنني سأعاود الزيارة، بحثًا عن أسرار العلاقة بين الإتقان والحرية..

التمرد والجدية… وغواية العلامات البصرية التي يتركها الناس خلفهم، ويلتقطها ورثتهم بعقول وقلوب مختلفة. وبعد غياب اللباد الكبير، تراجعت أكثر من مرة عن استكمال الرحلة عبر وسائل أخرى، في كل مرة لا أشعر أنني جاهز، حتى سيطرت على رأسي فجأة صورة ودبيب خطوته في المرسم، قبل أيام من ذكرى ميلاده الثمانين، واعتبرتها كما يظن أهل الباطن رسالة أو علامة… وألقيت بنفسي في رحلة مؤجلة بالتقليب في الأرشيف وذكر ما كتبت في الزيارة الأولى والأخيرة (نشرت نسخته الأولى في “الأخبار” اللبنانية عام 2007)، لعل الرحلة تكتمل.

يعلن بشيء من الفخر: «اخترت طريقي وأنا في الثامنة»!

الزيارة
بدا اللباد الكبيرفي الزيارة الأخيرة غريبًا، في مكتبه، مع أنه يعرف كل تفاصيل المكان..
غربته ليست وليدة البعد، بل التطرف في الاقتراب.
هذا الرجل مهووس بالتفاصيل، وهو سر اختياره فنّ الجرافيك.
ذلك الفضاء الساحر الذي لعب فيه كل الألعاب: رسم الكاريكاتير، وتصميم المجلات والكتب، ومشروعات مختلفة تشتغل على العلاقة بين الخطوط والفضاء والكلام. يعلن بشيء من الفخر: «اخترت طريقي وأنا في الثامنة». لكن كيف يحلم طفل عاش في الخمسينيات 

اقرأ أيضاً

محمود عزمي: رجل العالم في مصر

محمود عزمي: رجل العالم في مصر

معارك النقيبة أم كلثوم

معارك النقيبة أم كلثوم

كيف حكت أمينة رشيد عن حياتها

كيف حكت أمينة رشيد عن حياتها

كمال رمزي إن حكى

كمال رمزي إن حكى

فاروق الفيشاوي: عاشق يتجول في مدينة

فاروق الفيشاوي: عاشق يتجول في مدينة

كيف تكتب عن فريد شوقي دون مبالغة؟

كيف تكتب عن فريد شوقي دون مبالغة؟