كيف كانت الرحلة إلى طنجة، حيث إناس ذوي ملامح حادة وانشغال بأنفسهم، لكن انشغالهم ووحدتهم من ذلك النوع الذي سينكسر إلى سلاسة ولطف كبيرين مع أول فرصة!
ولدت فكرة الرحلة إلى طنجة في أثناء رحله سابقه إلى مدريد؛ وكنا قد قصدنا؛ محمد المزروعي وأنا، أحمد يماني المقيم هناك، وهناك تركنا له أنفسنا، وتولى هو تقديم المدينة إلينا.
وكأننا قد اكتشفنا أن شيئًا ما قد انفتح في روحنا في سياق تلك اللعبة، فقررنا التمادي، ومن هنا جاءت طنجة.
هذه المرة انضم إلينا طارق الطيب من فيينا، ومن طنجة محمد مسعودي وخالد الريسوني، وهكذا تشكل الفريق، وتعادلنا مع طنجة في الفترة من 23 حتى 31 أغسطس 2018.
اللطف والفضول
منذ اللحظات الأولى لي في طنجة، تولد
لديَّ إحساس قوي بأن هذه هي الرحلة؛ فالمكان ذو سحر واضح، والناس ذوي ملامح حادة وانشغال بأنفسهم، ولكن انشغالهم ووحدتهم تلك بكل تأكيد من ذلك النوع الذي سينكسر إلى سلاسة ولطف كبيرين مع أول فرصة؛ مثلاً قل إنك مصري، أو تكلم بالعامية المصرية، وستفاجأ تمامًا بمقدار سعادتهم واندهاشهم بهذا الأمر، حتى بالنسبة لمن سبق له زيارة مصر، رد فعل واحد “يا ريت لو تتكلم أكتر بالعامية المصرية”، بعضهم سيحاول أن يرد بالعامية المصرية، وهذه عادة ما تكونبلكنة مضحكة هي الأخرى.
هذا ما حدث لنا مع أربعة من الشباب
في العشرينيات دخلوا علينا بكل جدية وتوتر كابينتنا في القطار المتجه إلى طنجة، وكنا قد ركبناه من مطار كازابلانكا، عربات الدرجة الأولى في هذا القطار تنقسم إلى كبائن تتسع كل منها لستة مقاعد..
مرت نصف الساعة من الصمت بعد أن دفعونا للجلوس في المقاعد المخصصة لنا، وما إن عرفوا أننا مصريون حتى انهار حاجز الصمت تمامًا.
المؤكد بالنسبة لي أن هذا الاندهاش لا يحوي أي مشاعر دونية تجاه الآخر، الاحتمال الأكبر أن مصدر الدهشة ربما كان قليلاً من الحب والاحترام وكثيرًا من الفضول.