شغل الحب بكل صوره وأبعاده الفلسفية والاجتماعية الفيلسوفة الفرنسية سيمون فاي، وشغل كذلك كاتبان تبادلا رسائل طويلة حول فاي ورؤيتها للحب ورؤيتهما كذلك!
34 عامًا فقط عاشتها الفيلسوفة الماركسية، ثم المتصوفة، الفرنسية سيمون فاي (1909-1943)، عمر قصير للغاية بمعيار الزمان، لكنها تركت أثرًا بالغًا، يمتد صداه إلى اللحظة المرتبكة الحالية. مارست فاي كل ما آمنت به من مبادئ ترتفع بها إلى مصاف القديسين؛ تركت عملها في التدريس لتنضم إلى عمال المناجم، تقتسم معهم أجرها الضئيل وطعامها القليل، وتثقفهم سياسيًّا، وتشارك في إضراباتهم، وتترك فوق كل هذا نحو 25 كتابًا في الفلسفة وغيرها.. وبعد نضال تقدمي مكثف، تنحو للروحانية الصوفية مبتعدة عن الماركسية، حتى إننا نجد
تروتسكي وقد كتب إلى فيكتور سيرج يوم 30 يوليو 1936، يدعوه إلى قطع العلاقة مع فاي “لأنها لم تعد متحمسة للفكر الثوري، ولم تعد مناصرة لقضايا البروليتاريا” [الفلسفة بصيغة المؤنث، رشيد العلوي]..
ومن بين الكثير مما يعنينا، في مدينة، من هذه السيرة الثرية، تعنينا حالة الجدل التي لا تزال فاي قادرة على إثارتها حتى الآن، التي نتج عنها هذه المراسلات.. تتساءل فاي “لماذا خلق الله العالم؟” ثم تجيب “من أجل الحب.. لم يخلق الإله أي شيء سوى الحب نفسه ووسائل الحب”. كُتبت الرسائل التالية حول مفهومي “الحب” و”المعرفة”،
حين فتح صاحباها؛ أمل إدريس هارون ومينا ناجي، حوارًا عبر الإنترنت عن سيمون فاي إثر حلقة عنها في برنامج “سوشي بوك ريفيوز”.
كان واضحًا منذ البداية اختلاف دلالات المفهومين عند الطرفين، والخريطة المعرفية والقيمية التي يتموضعان فيها. طرحت أمل تفسيرًا جندريًّا لاختلاف التأويلات، ومن ثَم كان المفهوم الثالث الحاضر في الرسائل هو مفهوم “الجندر” (النوع الجنسي في تجليه الثقافي). كان الهدف المشترك، الذي تكوَّن على مراحل، هو محاولة ما يعنيه الآخر حين يتكلم عن الحب والمعرفة والجندر، بل ما يعنيه هو نفسه، وذلك بالمرور عبر