صديقتي المتخيلة فاطمة قنديل

صديقتي المتخيلة فاطمة قنديل

  • أسبوعي
  • نص
  • كتابة

كيف يمكن أن تتحد قارئة مع كاتبة دون أن تراها وتعتبرها صديقتها؟ وماذا حدث بعد أن قرأت كاتبة المقال رواية أقفاص فارغة لفاطمة قنديل؟

لا أستطيع تذكر مشاعري آنذاك، وصعوبة تحديدها بدقة الآن تجعل محاولات الكتابة عن ما أحاطني من ألم تمامًا مثل محاولة الإمساك بالمياه. وذلك يعني أنني تعافيت.
لكني كنت أرتعش كلما مرت فاطمة قنديل على ذكر أخوتها في كتابها “أقفاص فارغة”؛ أرتعش لأنني في نفس الوقت كنت أنزل إلى منطقة سيدي بشر كل أحد وأربعاء لزيارة طبيبتي النفسية كي نفكك تروماتي المتعلقة بالأخوة.
في بداية الجلسات العلاجية كنت أجلس ساهمة خرساء، وأنتظرها حتى تحكي نيابة عني. نصحتني الطبيبة أن أكتب مشاعري وأفكاري المتعلقة بهذه التروما

بدلاً من التحدث عنها.
أعطتني أوراقًا مُسطَّرة وأقلامًا، هدية محفزة على الكتابة حين علمت مني أنني أحب الأقلام.
عدة أيام مرت وأنا أنظر إلى الورق والأقلام، غارقة في شعور الامتنان للهدية، بينما يطفح على جسدي شلل يحول بيني وبين الكتابة، أو تحديدًا بيني وبين أن أتعرى وأظهر كدماتي المعنوية أمام أحد.
في نفس اليوم أغرتني علبة الشيكولاتة الزرقاء المرسومة فوق الطاولة على غلاف كتاب/رواية أقفاص فارغة.
كان الغلاف مصيدة، وكنت فأرًا مندفعًا ينظر إلى التفاصيل ويهمش الصورة

في بداية الجلسات العلاجية أجلس ساهمة خرساء، أنتظرها حتى تحكي نيابة عني!

 الكاملة، فدخلت المصيدة بفتحه وقراءته. ومع كل سطر أمرر أصابعي عليه كنت أحس بزلط ورمل في حلقي تحتك ببعضها، وكلما حاولت البكاء زاد الرمل والزلط وتكور في فمي تاركًا خطوطًا متعرجة على ضروسي التي كنت أجز عليها بديلاً للبكاء.
المذاق المتخيل للرمل الخشن والبلوري في فمي ذكرني بكل المرات التي مررت بها على أرض خالية أو ما تسمى بخرابة، حينما يبنى فيها شيء جديد.
كانت قراءة الكتاب معايشة مُدبلرة للمأساة.
أتوجع مما يخصني ومما يخص غيري. فيمتد الهم في المنطقة الرطبة والزنخة

اقرأ أيضاً

محمود عزمي: رجل العالم في مصر

محمود عزمي: رجل العالم في مصر

معارك النقيبة أم كلثوم

معارك النقيبة أم كلثوم

كيف حكت أمينة رشيد عن حياتها

كيف حكت أمينة رشيد عن حياتها

كمال رمزي إن حكى

كمال رمزي إن حكى

فاروق الفيشاوي: عاشق يتجول في مدينة

فاروق الفيشاوي: عاشق يتجول في مدينة

كيف تكتب عن فريد شوقي دون مبالغة؟

كيف تكتب عن فريد شوقي دون مبالغة؟