متى تصبح المدينة مدينتك.. هل أخطأت تقديراتنا في طبيعة المدينة.. في كينونتنا المدينية؟ هل ولدنا في العالم أم ولدنا في مدن بدت لنا وكأنها العالم؟
“… فالبولفارات أوجدت للعشاق من أمثال الحبيبين في قصيدة “عيون الفقراء” مشهدًا أوليًّا جديدًا: فسحة يستطيعون أن يكونوا فيها وحدهم أمام الملأ؛ في جو حميمي دافئ وخاص بدون أن يكونوا وحدهم. باتوا لدى تحركهم على امتداد الشارع في قلب تدفق هائل لا نهائي. يستطيعون أن يحسوا بحبهم بقدر أكبر من التوتر والحيوية مما في أي وقت مضى بوصفه محطة ثابتة ومستقرة في عالم دائب على الدوران (..) وأن يستمدوا أشكالاً مختلفة من المتعة من أولئك الغرباء كلهم؛ باتوا يستطيعون أن ينسجوا أقنعة خيالية حول زحمة المارة: من هم؟
من هم المارة؟!
من أين جاؤوا؟ إلى أين هم ذاهبون؟ ما الذي يريدونه؟ ما الذي يحبونه؟“..
“كيف يتعين على العشاق أن ينظروا إلى الناس ذوي الأسمال البالية الذين يجدونهم فجأة تحت أنوفهم؟ عند هذه النقطة يفقد الحب الحديث براءته. فحضور الفقراء يلقي ظلاً عنيدًا لا يقوام على إشراق المدينة وبهائها. والخلفية التي أوحت، بطريقة سحرية، بالرومانسية تفرز الآن سحرًا نقيضًا وتسحب العشاق من مخادعهم الرومانسية لتقذف بهم في شباك أوسع وأقل رومانسية غنائية. في هذا الضوء الجديد تبدو فرحتهم الشخصية امتيازًا طبقيًّا.