ماذا يكتب في رثاء مارادونا.. لاعب الكرة الذي أحبه الناس في كل أنحاء الدنيا لأسباب كثيرة على رأسها أنه الوحيد ربما الذي يشبههم إلى هذا الحد!
لم يرَ العالم بيليه، كان اسمه دائمًا ما يتردد في كل مكان، ذلك البرازيلي الساحر الذي أدهش الجميع ببراعته في الكرة وإحراز الأهداف، لم تكن الكرة هي اللعبة الشعبية الأولى في سنوات بيليه، ولم تكن شرائط الفيديو والتليفزيون قد انتشرت في كل مكان، وأصبح في إمكان الجميع متابعة اللعبة المجنونة، ولم تكن شارات البث الفضائي قد كسرت عزلة العالم بعد.
من هنا كان الجميع متحمسين للموهبة، لم تدخل الأموال بعد كسلاح لإفساد اللعبة، كانت تُلعب فقط من أجل البشر، تمنح المنتخبات والفرق فرصًا للانتقام، تخلق جوًّا من المحبة والانتقام، من السعادة المفرطة والحزن
القاتل، لذا كان الجميع في انتظار شيء ما؛ بيليه جديد، أو موهبة متفجرة جديدة، تثبت لهم أن للتليفزيون قيمة، وللبث الفضائي أهمية حقيقية غير هذه الأفلام الساذجة التي تسوِّق لحرب النجوم.
كان الجميع جالسين يطالعون ذلك الجهاز الصغير، بينما يمر القصير مارادونا، من لاعبي إنجلترا..
يا إلهي.. ساحر الأول والثاني، كرة بعد أخرى مباراة بعد أخرى كيف يفعل كل ذلك؟ يتسلم مارادونا القصير الكرة في منتصف الملعب الإنجليزي، يدور دورة كتلك التي تغازل بها الأرض الشمس صار وجهه للمرمى، والكرة كما لو كانت دانة بين قدميه، الجزر الأرجنتينية،
الحرب مع الإنجليز والبابا الأرجنتيني، و”أنا مسيح أيضًا” يقول مارادونا وهو يمر من أجل فقراء بيونس آيرس، من أجل الأرجنتين، ومن أجل الرب. في الخلفية يطارد مارادونا بيتر ريد وبيتر بيردسلي، يا الله!
صوت المعلقين كل بلغته يدوي، تشرئب أعناقهم كأنها ستخرج للمشاهدين من جهاز التليفزيون، في مواجهة حاسمة مع تيري بوتشر، لا أحد يقدر على القط الصغير، يواصل المرور، تطوى الأرض تحت قدميه، وكأنه يتقرب من السماء.. يقترب من المرمى متجاوزًا تيري فينويك وكيني سانسوم، يراوغ الحارس بيتر شيلتون، ويودع الكرة الشِباك، تراقب الجماهير في صمت وصدمة مما يحدث