دائمًا كان هناك فارق كبير بين خطوتها الواسعة لتحقيق أهدافها وبين الوعي بالعالم وشروطه، كانت ترفع لافتات تعلن بها عما تدافع عنه، ودائمًا كانت واحدها!
أن تسافر امرأة مصرية وحدها في رحلة حول العالم كان أمرًا مستحيلاً في منتصف القرن العشرين، والسفر حق اكتسبته النساء تدريجيًّا، كان مجرد خروج المرأة من بيتها يعرضها للانتقاد، فكيف بالسفر بعيدًا دون وصاية أو صحبة أب أو أخ أو ابن!
لكن درية شفيق فعلتها؛ سافرت في رحلة طويلة، شرقًا وغربًا، وحدها. فعلتها مرة واحدة، وهو أمر يحتاج إلى قوة كبيرة.. صحيح أنها سافرت للدراسة في باريس وهي في العشرين من عمرها، لكنها عادت مرة أخرى لتحقق حلمًا قديمًا؛ فقد عرفت في درس الجغرافيا الأول، وهي طفلة، أن الأرض كروية؛ فأرادت أن تتحقق من كروية الأرض!
مقدمة كتاب رحلات درية شفيق حول العالم!
لكنها عندما قامت بهذه الرحلة كان لديها أهداف إضافية كبرى.
دائمًا كان هناك فارق كبير بين خطوتها الواسعة لتحقيق أهدافها وبين الوعي بالعالم وشروطه، كانت درية ترفع لافتات تعلن بها عما تدافع عنه، ودائمًا كانت واحدها، ترى في نفسها صوت المرأة المسلمة، وصوت المرأة المصرية، وصوت الساعين للحرية، وفي مجتمع كان، ولا يزال، ينزعج من الأفراد الذين يمثلون أنفسهم، ولا ينضوون تحت راية الجماعة، كان ما تفعله صادمًا، ومثيرًا للدهشة، بل ومثير للعداء، لكنها أيقنت ألا شيء مستحيل “وأننا ما دمنا لا نطلب القمر فكل شيء ممكن وميسور“.