هل لمحسنة توفيق عالم فني خارج شخصية بهية التي أدتها في فيلم العصفور؟ ولماذا كانت رغم تاريخها في المسرح تقول دائمًا إن السينما حبها الأول
طول الشهور الستة الماضية كنت مشغولًا بالتفكير والكتابة عن موضوع تصوَّرت في البداية أنه سيستحوذ على مساحة محدودة من تفكيري، ولن يستغرق وقتًا طويلًا. لكنني كنت مخطئًا، فما أزال عالقًا في بحث لا أفق له، لأن بعض الوقائع الحياتية اليومية تعمِّق من كثافة بعض عناصره، فالناعي إذ يردد كل يومين أو ثلاثة اسمًا جديدًا، يجعلني أعود للحلقة الأولى من هذا البحث الذي يبدأ من المسرحية والفيلم اللذين يحملان عنوان “الموت والعذراء“، وقد اختار الكاتب أرييل دورفمان العنوان من اسم الرباعية الوترية التي ألَّفها فرانس شوبرت،
وتلعب دورًا مهمًا في أحدث المسرحية. في تلك الحلقة كان البحث عن مقاربات لموضوع الموت متعلقًا بالمفاهيم الرومانسية الجمالية في الشعر والموسيقى بداية القرن التاسع عشر، مجرد مدخل، والآن إذ أحاول الكتابة عن محسنة توفيق لا أستطيع التهرب من الدخول عبره، وتجاوز سؤال “لماذا مات هذا الشخص، ولماذا هناك حياة على الإطلاق، وعلى وجه الخصوص ما معنى حياتي؟ فما دمت قد علمت من هذه التجربة أن حياتي أيضًا ستنطفئ في هذا الظلام– اللا نهائي فلماذا إذن أحيا على الإطلاق؟ وتجاوزت كوننا “نجرب الموت في موت الآخرين“، لأصل إلى أنه
“لا بد أن يفهم الموت أساسًا على أنه تقطُّع نسيج العلاقات بين الأشخاص. وعن هذا الطريق يصبح الموت مهمًّا للتجربة؛ فما نجربه أو نمارسه على أنه الموت ليس مجرد موت الآخر، ولكنه التمزق المفاجئ لهذا النسيج الهشّ للوجود.”
هذا التمزق يكون كبيرًا أو قليلًا تبعًا لمدى الروابط المشتركة التي تتمزق،
من هنا ربما يكون مفهومًا هذا الحديث الذي يكون أحيانًا مضطربًا عن حضور الذات في رثاء الراحلين، ولأنني لا أريد أن تكون كلماتي عن محسنة توفيق “رثاءً” عابرًا، سأبحث عما يظهرها ضمن احتشاد كبير يليق بها..