اصطياد الفن على الطريق الدائري

تحويل الحركة إلى ظل أسود

اصطياد الفن على الطريق الدائري

  • أسبوعي
  • نص
  • كتابة

كيف صور عمرو الكفراوي في لوحاته المدينة العتيقة التي على وشك الزوال في تجريدات مغبشة مؤطر بإطار دائري يجعلها أشبه بالأيقونات!

1
غادرت منزل أسرتي في السادسة عشرة. وانتقلت للحياة في مدينة 6 أكتوبر وحيدًا بسبب دراستي الجامعية. سكنت في أحد الأحياء العمالية البعيدة رخيصة الإيجار. في عامي الأول هناك، لم يكن بالمنطقة سوى محل بقالة صغير، ومطعم شعبي قذر، ولا أحد. كان هذا في عام 2001، وأكتوبر حرفيًّا كما يقولون عنها “صحراء”.
أتذكر؛ يركب الواحد السيارة وعن يمينه لمسافة كيلومترات تمتد رمال صفراء ونباتات تحتضر، وحين تسأل يقولون هذا هو الحي الثامن، لكن ما من مبانٍ ولا أحياء بعد.

لم يكن هناك تاكسيات أصلاً في أكتوبر، بل سيارات ربع نقل يقودها صبية من الفيوم وبنى سويف، تتفاوض مع الواحد منهم ليوصلك إلى حيث تبتغي، وإذا كنا أكثر من اثنين يركب الباقون في صندوق السيارة.
صباح كل يوم كنت أسير نحو كيلومتر ونصف حتى أصل إلى مكان يمكنني منه أن أركب وسيلة المواصلات الجماعية المتاحة في المدينة وقتها؛ وهي سيارة ربع نقل مغلقة بغطاء من الصاج، وعلى الجانبيين كنبتان متقابلتان يجلس عليهما الركاب. أتذكر، كانت الأجرة نصف جنيه. سارت الأيام الأولى في عزلة وتكرار أبدي ذي طابع شاعري. 

سارت الأيام الأولى في عزلة وتكرار أبدي ذي طابع شاعري.. 

أذهب للدراسة، ثم أعود إلى الشقة، أُخرج طعامًا جاهزًا من الثلاجة وأسخنه، وأجلس في الغرفة أفكر في وسائل لقتل الوقت.أنظر من الشباك، أو أقف في البلكونة لساعات ولا أرى إنسانًا أو أرصد حركة في الشارع. فقط سيارات قليلة مركونة، وعمارات معظم نوافذها معتمة، غالبية شقق المنطقة غير مأهولة، والبناية التي أسكنها لا يوجد بها سوى شقة واحدة مسكونة، شاهدت ذات مرة رجلاً في الثلاثينيات يخرج من بابها. دون تخطيط مسبق، وبلا وعي كنت أيضًا أقرأ “الأخوة كرامازوف” لديستويفسكي، مما دفعني إلى موجة من الكآبة والسواد غلَّفت 

اقرأ أيضاً

القاهرة: من حافة إلى حافة

القاهرة: من حافة إلى حافة

حسن حنفي لم يترجم أفلاطون

حسن حنفي لم يترجم أفلاطون

رسالة إلى «سين» في فم المحرقة

رسالة إلى «سين» في فم المحرقة

محاولة خلق مارلين مونرو مضادة

محاولة خلق مارلين مونرو مضادة

زيارة الغزالة

زيارة الغزالة

الهدية الأخيرة

الهدية الأخيرة