كلما هبَّ حدث كبير مال الناس، ربما علماء اجتماع أو مؤرخون إلى البحث عن مرجع تاريخي له، فهل لسترات باريس الصفراء امتداد في الثورة الفرنسية مثلاً؟
ما رأيك في السترات الصفراء الباريسية؟ تخيل كم مرة طرح السؤال هكذا مجردًا، وبطريقة مشجعي كرة القدم المحترفين؛ سؤالهم يحمل الإجابة وينشغل، لا بالفهم، بل بإثبات “صواب” تشجيعهم لرأي بعينه، وتحليل قائم على فرضيات ومناهج تربي مشجعين لا عقول حرة.. لكن الموضوع واضح بما يكفي؛ ناس تواجه سلطة منحازة ضد مصالحهم. ثورة فقراء على رئيس هو في الواقع “صديق الأغنياء”.. ربما.. هذه إجابة تعني عادة أن الوضوح القديم لم يعد صالحًا لتفسير اللحظات المركبة، والمعقدة بما يكفي لإعادة النظر في المفاهيم المستقرة. فأصحاب السترات الصفراء أنفسهم يعاد تشكيلهم على
جورجيو أجامبين
الهواء مباشرة، وتنمو حركتهم بإيقاع متصاعد، لا يمكن فهمه بالغطس في أواني المعاني القديمة. لا يمكن إسقاط مفاهيم باريس الثورة الفرنسية على باريس السترات الصفراء؛ هذا بديهي، لكن البداهة ليست حلاً لفقر المعاني، بل مقتل، كما كانت في تجربتنا مع الثورات/الانتفاضات/الربيع العربي، ما يزال التفكير في اللحظة الكبيرة التي خرج الناس فيها يعمل بمنطق يحولها إلى ميلودراما عادية تستدعي البكاء والجروح النرجسية بعد فقدان الطريق إلى يوتوبيا النهايات السعيدة.. هذه مقدمة طالت قبل نص الفيلسوف الإيطالي جورجيو أجامبين..