هل يوجد متحف سري؟ نعم في القاهرة متحف سري لا يعرف به الجمهور على الرغم من أهميته، وهو متحف الدكتور نجيب محفوظ!
يثير متحف الدكتور نجيب محفوظ الدهشة والحزن. المكان ليس فقط مغلقًا، بل أيضًا سري، حيث لا يعلم عنه إلا أطباء النساء والتوليد، أو ربما فقط بعضهم، أو طلبة كلية القصر العيني في سنوات التخصص الأخيرة بخلاف القليل جدًا من غير المتخصصين. فكرة أن يكون هناك متحف مغلق وسري هي مفارقة لا تحتاج لكثير من التعليق، بل هو تعبير متناقض بالضرورة، لكنه واقع متجسد في المتحف. قرأتُ عن تاريخ المتحف في كتاب “حياة طبيب”. نقص النماذج الدقيقة الموضحة التي تمثل “أمراض النساء ومعاطب الولادة” دفع محفوظ في العشرينات، وكان حينئذ
يدَرِّس بطب القصر العيني، لتحضير النماذج بنفسه. اشترى الأوعية الزجاجية، أو كما يسمونها “الچارات” (من كلمة jar الإنجليزية) وكان يُحضر المحاليل و”العينات” ومعظمها من الأجنة والأورام.
عُرضت النماذج في سياق المؤتمر الطبي المصري عام 1929 احتفالًا بمئوية مدرسة الطب المصرية، بعدها خرجت فكرة انشاء متحف بهذه النماذج. في “حياة طبيب” توجد صورة فوتوغرافية لمحفوظ بجوار حفيده سمير سميكة، الذي تخصص أيضًا في طب النساء والتوليد، وهو يشرح له إحدى العينات.
لكن أين المتحف؟
ولماذا لا نسمع عنه ولماذا لا يفتح للجمهور المهتم بتاريخ الطب في مصر أو تاريخ مصر الحديث بشكل عام؟
بعد تقصٍ ومساعدة الكثيرين استطعنا الدخول إلى المتحف وقد علمنا أنه تمّ نقله من مكانه الأول، وهي قاعة كبيرة ذات دورين، إلى مكانه الحالي وهي غرفة داخل مستشفى القصر العيني.
عنف الطبيعة أم عنف الطب؟
في منتصف الستينيات كَتب الدكتور نجيب محفوظ عن عملية ولادة متعسرة في الإسكندرية عام 1903. يصف في سيرته المنشورة بعنوان “حياة طبيب” هذه العملية بعد أن أصبح بالفعل رائد طب التوليد والنساء بمصر