لم يعد الأوروبيون يقضون حاجاتهم في الشوارع التي أصبحت في غاية النظافة والنظام، بينما نرى مصريين يمارسون كل حياتهم في الشارع!
في فيلمه “شبح الحرية” The Phantom of Liberty، 1974، يرسم المخرج الإسباني لويس بونويل بعض الصور السوريالية العجيبة، وأعجبها مقطع لحفل “عشاء” يقام في أحد بيوت الأثرياء. يدخل المدعوون ويجلسون على مائدة طويلة وبدلاً من المقاعد يوجد “قواعد تواليت“، يجلسون عليها لقضاء حاجتهم بشكل جماعي، وعندما ينتهون يستأذن كل منهم للذهاب لتناول الطعام داخل غرفة صغيرة بمفرده! يقلب بونويل العادات الاجتماعية التي نتعامل معها كما لو أنها قوانين طبيعية، ليحدث صدمة للمشاهد تجعله يعيد النظر في تلك العادات والأفكار المتعلقة بها.
بوستر فيلم شبح الحرية
مقطع التواليت والعشاء في “شبح الحرية” يذكرني بما أبداه مستشرق زار مصر في القرن الثامن عشر، أبدى عجبه من أن معظم المصريين لديهم دورات مياه في البيوت لقضاء حاجتهم، بينما اعتادوا تناول الطعام في الهواء الطلق في المطاعم التي تملأ شوارع القاهرة، وذلك على عكس الأوروبيين الذين يأكلون عادة في البيت ويقضون حاجتهم في الخلاء الطلق!
اختلف الأمر الآن بالطبع، لم يعد الأوروبيون يقضون حاجاتهم في الشوارع التي أصبحت في غاية النظافة والنظام، بينما نرى مصريين يمارسون كل حياتهم في الشارع بما في ذلك قضاء الحاجة أمام المارة وفي عرض الطريق!