كيف ومتى تحول "الفردوس المفقود" إلي "أرض التحرش"؟ ليس هذا ما ننتظر إجابته عند تناول موقع وحكاية "وسط البلد" بين الحكاية الكبرى للقاهرة وللدولة وللناس!
في هذه المنطقة تقاطعت أحلام الأسرة العلوية بأن تكون "مصر قطعة من أوروبا" ورغبة الجموع الشابة التي خرجت في ثورة يناير 2011 وهي ترغب في أن يكون وسط البلد "أرضًا حرة" يلتقي عندها الجميع ولا يضع رايته عليها أحد.
الحكاية متشابكة، وليس من السهل اختصارها، وهذا ما أثار حماستنا لهذه المقالة المهمة والمتعمقة والمسافرة رأسيًّا وأفقيًّا في وسط البلد، التي تتصارع عندها أحلام على طرفي نقيض، وهو ما يمنحها، على الرغم من كل شيء، "سحر العاصمة"، ويجعلها مكانًا للتفاعلات والصراعات وألاعيب رأس المال
الاستعراضية وللسلطة، وكذلك للحشود الساعية إلى الظهور..
في هذا الجزء من القاهرة الذي يمثِّل مسرحًا شخصيًّا لسكانها المهمَّشين، ومَعْرِضًا لحنين السكان الذي يبحثون في المدينة المنهكة عن "سر للتفاخر"..
لوسي ريزوفا قامت برحلتها الكبيرة في تاريخ وسط البلد المعاصر، ومعها أدوات البحث الأكاديمي، لم تبخل عليها بمشاعر وتجارب وحساسية "الغوص" في الحياة اليومية للقاهرة..
لوسي ليست زائرة عابرة للقاهرة، بل تعتبرها إحدى المدن التي تخصها، وهو ما يجعل لمقالتها مذاقًا يضاف إلي أهمية وقوة الموقع الذي تنظر منه إلى
مكان وناس ولحظة تغَيَّر فيها وجه التاريخ.. ولا يزال الصراع مستمرًا.
بدأت لوسي بحثها كجزء من مدرسة وسط القاهرة الصيفية، وهو مشروع تديره الجامعة الألمانية في القاهرة و DAAD في يونيو 2013.. هكذا بدأت تفكر في وسط المدينة بطريقة أكثر منهجية. وتطوّرت الفكرة عبر مناقشة مفهومَين الأول لفوكو عن الانتباذ والثاني الوقوف على العتبة.
وربما يبدو مصطلح "الانتباذ" ثقيلاً ، إلا أنه الوحيد من حيث الدقة في وصف "الأماكن التي تنمو في عزلة أو خارج نطاق الهيمنة السائدة" وهذا حال وسط البلد.