كيف نسي الناس اقتحام درية شفيق للبرلمان، ومطالبة بحق المرأة في التصويت. وإضرابها عن الطعام من أجل حقوق المرأة، وعندما دفعت ثمنًا غاليًا وصمت الآخرون!
النهاية
“عدت إلى منزلي بعد الغداء في أحد الفنادق. في الطريق المؤدي الي مدخل العمارة ، رأيت حشدًا من الناس يحيط بملاءة بيضاء. سألت ماذا حدث. قالوا: “لقد ألقت السيدة نفسها من شرفة الطابق السادس“. نظرت تحت الملاءة البيضاء وجدت جثة جارتي درية شفيق، هذه المرأة، التي دوى صوتها في جنبات العالم و ملأت تصريحاتها الدنيا، هذه المرأة، التي ألقيت عليها الأضواء العالمية أينما ذهبت، هذه المرأة، التي كانت نجمة المجتمع المصري والعربي والأوروبي والأمريكي. نسي الناس اقتحامها البرلمان، مطالبة بحق المرأة في التصويت. نسوا إضرابها عن الطعام في عام 1954 من
من أجل حقوق المرأة، ونسوا أنها فقدت حريتها ومجلاتها وأموالها وزوجها لأنها طالبت بحقوق المرأة.
لقد دفعت ثمنًا فظيعًا لمقاومتها بينما استسلم الآخرون“… هكذا وصف مصطفى أمين حادثة (انتحار) درية شفيق كما رآها، في سبتمبر 1975.. البداية
كانت درية أحمد شفيق “امرأة مختلفة” كما عنونت الباحثة الأمريكية سينثيا نلسون كتابها عنها؛ ويمكننا كذلك ترجمة العنوان A woman ADoria Shafik A Woman Apart امرأة منفردة، منعزلة، وهو ما ينطبق تمامًا عليها الكتاب الذي ترجمته نهاد سالم، وصدر عن المشروع القومي للترجمة
تحت عنوان ” إمرأة مختلفة”.
درية شفيق مناضلة وكاتبة وشاعرة، من أولى النساء اللاتي طالبن بحقوقهن المهدرة، وسعت لنيلها سعيًّا دؤوبًا، دافعة كل ما استحق الأمر من أثمان. ولدت في طنطا يوم 14 ديسمبر 1908، وماتت وحيدة منعزلة في الزمالك يوم 20 سبتمبر 1975. أمها رتيبة ناصف “بك“، وأبوها أحمد “أفندي” شفيق. ويبدو من الألقاب أن أسرتي الأم والأب كانتا متفاوتتين في المكانة. ومع أن الزيجات بين الطبقات لم تكن أمرًا مألوفًا إلا إن ظروفًا اقتصادية ما ألمَّت بعائلة الأم وجعلت هذه الزيحة ممكنة. عندما ولدت درية شفيق كانت الحياة السياسية في مصر موزعة بين