لم يحبه التجار ولا الأغنياء ولا رجال الأعمال، مع أنهم كانوا يقدمون “تبرعات” هائلة للهيكل.. أحبه فقط الفقراء!
ترى أين كان المسيح في احتفالات ليلة ميلاده؟
أقصد كما أراد أن يعرفه الناس، لا أظن أنه كان حاضرًا حيث كانت الـ“السلطة” حاضرة بفخامة. لم تحبه “السلطة” قط في زمنه، لا السياسية ولا الدينية، لم يحبه التجار ولا الأغنياء ولا رجال الأعمال، مع أنهم كانوا يقدمون “تبرعات” هائلة للهيكل.. أحبه فقط الفقراء ومن حلموا بحياة أفضل وربما بعالم أفضل، كانوا أصدقاءه ورفاق مسيرته، كان معهم “يجول يصنع خيرًا” ولكن “خيره” لم يكن قط على هوى السلطة، طاردته “السلطة” منذ لحظة ميلاده، اضطرت أمه “لاجئة” زمنها
للاختباء في مزود أبقار، واضطرت للهرب وعبور “الحدود” إلى بلد أخرى هربًا من “الوالي” الذي كان يطلب الصبي نفسه، لم يحضر قط في وجود السلطة إلا ليواجهها، ليطلب العدل والحرية لرفاقه الفقراء وطالبي العدل والكرامة.. أظنه كان حاضرًا أمس حيث المظلومين والمهمشين، هذا ما اعتاد عليه في زمنه، أظنه كان يواسي من فقدوا أبناء وبنات وآباء واجهوا “السلطة” كما واجهها هو من أجل حياة أفضل..
كانت الصياغة الأولى لهذا المقال منذ سنوات، ساعتها شغلتني كلمات أمل دنقل في قصيدته “كريسماس“:
اثنان لم يحتفلا بعيد ميلاد المسيح، أنا والمسيح.
أظن أن كثيرين لم يحتفلوا أمس ولم ولن يتم دعوتهم أبدًا لذلك الاحتفال الفخم، وكان بينهم فيما أظن المسيح نفسه.. يحتفلون فقط بالأمل في غد أكثر حرية وعدالة.. لهم هذه الكلمات عن ميلاد وثورة هذا الذي وصفته السلطة بأنه “يفسد الأمة” و“يهيج الشعب“..
مشهدان بينهما ما يقرب من ثلاثة عقود جرى فيهم الكثير؛ مشهد أول هادئ لعائلة فقيرة لا تجد مكانًا لولادة طفلها فتلجأ الأم لمزود أبقار ويولد طفل ستغير كلماته وأفعاله شكل العالم..