“الرواية المحرمة” لم تكن محرمة حين نشرت مسلسلة في الأهرام بدءًا بسبتمبر 1059، لكنها صارت محرمة بعد ذلك!
بدأنا البث التجريبي لـ”مدينة” بحكاية القاهرة 1959؛ حين كان محمد شعير يبحث عن سيرة الرواية المحرمة: أولاد حارتنا ، وكنا نبحث عن نوع من الكتَّاب والصحفيين يمزجون بين البحث والفن، ليكوِّنا معًا عظم تيار جديد في الميديا. التقينا مع محمد شعير، وكانت الرحلة الي نشرناها مع رسوم ميجو؛ التي تتخيل القاهرة حين تصارع الجنرالات والضباط على سلطة “تشكيل المجتمع”. ولأنه صراع بلا محتوى غالبًا تحكمه غية التسلط الفارغة، فقد بدأت الحركة كما هي العادة من فعل صغير جدًا: غيرة صحفي من نشر الرواية في الأهرام. الصحفي شاعر أغاني مشهور، حرض شخصًا على إرسال برقية..
وهنا تيقظت غريزة القنص لدى طلاب السلطة من الجنرالات والمشايخ. هذه الحركة المتوترة للسيطرة، فرضت تحكم المنع والتحريم في تشكيل المجتمع الخارج من عصر الاستعمار، وساهمت في تأسيس مواقع المتصارعين على غنيمة” الشعب”!
حين سأل محرر مجلة الجيل نجيب محفوظ عن موضوع روايته المقبلة “أولاد حارتنا”، طلب محفوظ من المحرر أن يعفيه من الكلام عن موضوع الرواية، أجاب: بلاش. اعفني من هذا السؤال، وعندما سأل المحرر عن نوعها، أجاب: ولا هذا.. إنها قصة من نوع جديد، لم أكتب مثله من قبل، لذلك أنا متهيب جدًّا، متهيب جدًّا!
كان محفوظ (متهيبًا جدًا) إذن، لكن هل كان يعرف ماذا سيحدث؟
“الرواية المحرمة” لم تكن محرمة حين نشرت مسلسلة في الأهرام بدءًا بسبتمبر 1059، لكنها صارت محرمة بعد ذلك. لم تنشرها أي دار مصرية وقتها- نشرت في بيروت- أثارت الرواية، غير المنشورة في كتاب، جدلاً استمر طول عقد الستينيات، واستمر محفوظ في الدفاع عن الرواية، والتملص بدبلوماسية من التهم التي ألصقها المنتقدون به، لم يكن المنتقدون هم القراء المعتادون، كانوا كتابًا ونقادًا وسياسيين وصحفيين، ورجال دين بالطبع!
في مايو 1968، وبعد أن طبعت “أولاد حارتنا” في بيروت، أصدر مجمع البحوث