هنا تحكي أمينة رشيد عن حياتها منذ البداية في بيت الجد إسماعيل صدقي مهندس الديكتاتورية المصرية وبقية الحياة في الجامعة والنضال والحب
نشرت مجلة الهلال في عددين متتاليين، أبريل ومايو 2002، في باب “التكوين”، ما حكته أمينة رشيد عن رحلتها، وفيه إشارة مذهلة إلى الأثر الذي تركته السنوات الأولى على وعيها، لم تتحدث فقط عما وصلت إليه، بل عما بدأت به وغادرته، في هروب متواصل للاندماج مع عالمها المفضل. لم يكن هذا الهروب إلى “ماكيت” من ماكيتات تقدمها الآيديولوجيا للزائرين، ولا إلى مسرح تستعرض فيه بطولات التمرد على طبقتها الأرستقراطية، أو مداواتها للفصام بين ثقافتين عربية وفرنسية، وموقعين، الأكاديمية والمناضلة الثقافية والسياسية، وعالمين سري وعائلي..
في حكيها لم تحول العالم الذي تهرب منه إلى أرض ملعونة، كما لم تعتبر تجربة عبورها إلى الضفة الأخرى، دخولاً إلى الجنة..
حكت أمينة حفيدة “مؤسس الديكتاتورية الحديثة في مصر“، كما أطلق على إسماعيل صدقي الذي كلما قرأت عنه اكتشفت أن له بصمة في كل تفصيلة من تفصيل البناء المجهز للديكتاتورية، من الملكية إلى الجمهورية. بصمات جد تلك السيدة موجودة على كل طوبة في بناء الاستبداد، وهي المتمردة المحبة المتحررة من كل انتماء أو قيد يحرمها من المحبة.
أمينة هي الإلهام دون دون بطولة، أو دون تسلق لمسرح الاستعراض الكبير، تتسلل بكل عذوبة لتطبع وجودها سواء كان في جلسة حميمة بين أصدقاء، أو في نشاط يدافع عن أفكار أو يحتج على فرض الأمر الواقع أقدار محكمة..
اخترنا للغلاف صورة تجمع بين أمينة طفلةً مع أمها خديجة صدقي، وهما ينظران إلى هذا العالم البعيد عن القصور والطبقات الحائرة خلف جدرانها، الذي كانت خديجة تتوق إليه، بينما ذهبت إليه أمينة بكامل وعيها وقدرتها على الحب بلا حدود.
وائل