حين صرَّح جودار «بدأت السينما بجريفيث وانتهت عند كيارستمي»، اكتفى عباس بالابتسام خجلاً، وعلَّق «ربما كان أفضل أن يقال ذلك بعد رحيلي»!
ولد المخرج الإيراني عباس كيارستمي في طهران، ودرس الفنون الجميلة. وبعد التخرج عمل مصمم جرافيك في مؤسسة دعم ثقافي وتنموي للطفل. وبدأ إخراج الأفلام القصيرة في عمر الثلاثين.
انطلق مشواره السينمائي في بداية سبعينيات القرن الماضي وحضر التحول السياسي للدولة الإيرانية بعد الثورة. كتب عباس الشعر ورسم اللوحات التشكيلية ونشر بعض أعماله الفوتوغرافية.
وقد استمرت تجربته بسلام بعيدًا عن أي صدام رقابي أو سياسي مع السلطة، إذ اهتم عباس بأهل وطنه أكثر من سياساته.
ذات مرة صرَّح جون لوك جودار “بدأت السينما بجريفيث وانتهت بكيارستمي" اكتفى عباس بالابتسام خجلاً عند سماع تصريحات مماثلة، وعلق “ربما كان أفضل أن يقال ذلك بعد رحيلي”.
رحل كيارستمي عام 2016 مُخلدًا اسمه بين محطات تاريخ السينما. وترك إرثًا سينمائيًّا فريدًا، ميزه أسلوبه ورؤيته للفن السينمائي وما يمكن اكتشافه به. وسط 48 عملاً، بين أفلام روائية وتسجيلية، قصيرة وطويلة، أستعرض قراءة تشكل مدرسة كيارستمي، في قراءة مقتصرة على التقنيات السينمائية بعيدًا عن بنيوية حالة الموضوع وظرفه السياسي الاجتماعي.
تجربة
محمد صبي في الرابعة عشر. يعمل ساعيًا في محل تصوير. يقوم بأعمال النظافة، يجلب المشروبات من القهوة المواجهة للمحل على الرصيف المقابل، ويساعد المصور في مراحل عمله المختلفة من تصوير وتحميض وتقطيع. يقضي بعض الليالي في غرفة ضيقة في الدور العلوي من المحل، فهي أفضل على كل حال من مشاركة أخيه الأكبر وزوجته غرفتهما في دوارهما الضيق ذي ساحة الغسيل. يحاول محمد باستمرار التحايل على يومه البائس، والبحث عن مرح ما في مسؤولياته الصغيرة. نتابعه من خلال عدة دورات ليومه وروتينه