يمكن أن تصبح الحيوانات مثيرة للاهتمام بعيدًا عن كونها كائنات بعيدة تعيش في الغابات والمناطق البعيدة عن المدينة، فماذا يحدث في لقاء الإنسان بحيوان؟!
في عام 2008 تأججت شرارة إضرابات واحتجاجات فئوية متصاعدة في مصر، ودارت رحى حرب في غزة، واستمرت القنابل في الانفجار في العراق، واجتاحت أزمة اقتصادية عاتية العالم. في عام 2008 كان ثمة شيء ما في طور التشكل ولم يكن أحد يعرف آنذاك أنه في طريقه للانفجار بعد ذلك بثلاث سنوات.
وفي عام 2008 كنت أعمل محررًا صحفيًّا في صفحة إلكترونية تابعة لمؤسسة إعلامية ألمانية، يتركز جانب من وظيفتي تلك في فرز الأخبار القادمة من وكالات الأنباء؛ فكنت أقضي قسمًا من ساعات العمل في مراقبة الأخبار
المتدفقة وتحديد أولوياتها واتخاذ قرار بشأن معالجتها من عدمه، ومن ثم اختيار الطريقة لمعالجتها.
وفي أحد أيام ذلك العام، ووسط سيل الدماء اليومية المتدفقة والاضطرابات العاتية، عثرت على خبر يتحدث عن مدينة ألمانية صغيرة هاجمتها الخنازير البرية ذات صباح، وتسببت في جرح ومقتل بعض الأشخاص.
توقفت كثيرًا عند هذا الخبر دون أن أعرف السبب، فقد كان من الجلي أنه خبر لا يتناسب مع اهتمامًات المؤسسة الصحفية الجادة التي أعمل فيها، ومن ثَم عليَّ أن أهمله سريعًا وأُكمل فرز الأخبار المتراكمة.
لكن شيئًا ما في هذا الخبر كان موحيًا بالنسبة لي، وفي الوقت نفسه موجعا وكارثيًّا أكثر من كل الأخبار الأخرى. جلست مثبتًا أمام شاشة الكمبيوتر أتطلع إلى الخبر في شرود، ثم نسخته وأرسلته إلى صديقي ياسر عبد اللطيف دون تعليق. وأكملت جولتي الصباحية على الأخبار.
لم يكن خنزيرًا واحدًا ذلك الذي ظهر لي في ذاك اليوم، بل قطيعًا كاملاً من الخنازير البرية. قطيع يهاجم مدينة. بينما كنت أجلس أنا في مدينة ألمانية أخرى، بوصفي مهاجرًا، أكسب قوتي من تدوير الأخبار.
في حلم اليقظة الذي رافق قرائتي للخبر