لن أكون هناك، سأشاهدها من بعيد وهي تندثر، أراها منذ الآن وهي تغوص في أعماق البحر، الذي لن يكون بحرًا ساعتها، سيكون قبرًا، رطبًا، يحتوي جثة!
أنا أيضًا أرى مدينتي تختفي..
ماذا يعني أن تختفي مدينتي! قرأت خبرًا، يتكرر من حين إلى آخر، يؤكد أن الوقت اقترب، وأن البحر سيجتاح الشواطئ ويبتلع مدينتي، بالإضافة إلى مدن أخرى بالطبع (نصف شواطئ العالم الرملية في طريقها إلى الاختفاء بحلول نهاية القرن الحالي)، لكن أمر المدن الأخرى لا يعنيني كثيرًا، ربما أتعاطف مع هؤلاء الذين يتألمون مثلما أتألم الآن، الذين تحاصرهم المخاوف والهواجس، مثلما تحاصرني، لكن ليس بالقدر الذي يلهيني عما أتوقعه وأخشاه، عما ينتظر مدينتي ويتربص بها، ولا ينتظرني، ولا أنتظره..
وفقًا لسيناريوهات الاندثار المحتملة؛
إذا لم تلتزم الدول ببنود اتفاقية باريس للمناخ، سيرتفع متوسط مستوى سطح البحر في كل أنحاء العالم بين واحد وستين سنتيمترًا إلى متر واحد.. ومن المتوقع أن يزيد الأمر سوءًا في النصف الثاني من القرن الحالي..
لن أكون هناك، سأشاهدها من بعيد وهي تندثر، أراها منذ الآن وهي تغوص في أعماق البحر، الذي لن يكون بحرًا ساعتها، سيكون قبرًا، رطبًا، يحتوي جثة، تحتوي هي الأخرى في داخلها جثثًا بلا عدد، تحتوي أصواتًا وذكريات.. هل تتعلم الأصوات مسارات جديدة استعدادًا للمستقبل العائم.. كيف يكون شكل الذكريات وهي تعوم في الماء..
هل تتحول الذكريات إلى أسماك ملونة.. هل تأكل الذكريات المؤلمة الذكريات المرحة!
أعرف مدينة
تمتلئ كل يوم بالشمس
ساعتها ينهب كل ما فيها
ذات مساء تركتها
وفي قلبي
يقيم صوت صراصير الحقل ولا يزال
ومن السفينة البيضاء
رأيت مدينتي تختفي
تاركة لبرهة
عناقًا
بين أضواء
معلقًا في الهواء المضطرب
أونجاريتي