أدب الرسائل المكتوبة من الأصل بغرض النشر يتكئ على الصداقة ليصعد مرئيًّا إلى الجموع، إنه استعراض بكل ما للكلمة من معنى!
81
هل تعرف أسوأ ما في الخيانة؟
أنها غالبًا ما تكون مفهومة، وتقليدية، ومتوقعة. في سياق حياتنا الأساسي، العالم مليء بالرموز والتشفيرات. الخيانة، بصفتها عالمًا مؤقتًا وسريًّا، غالبًا ما تكون أوضح لأنها أوَّلية. عالم بُنِيَ على عجل، حكاية طويلة مُلخَّصة في جملتين، دون حبكات مُعقَّدة ولا رموز عاطفية متشابكة، شيء مباشر. إنها -بمعنى ما- أكثر وضوحًا من العلاقات الأصلية نفسها. يعرف ذلك جيدًا من أحس بالخيانة، هو يغضب لأنه يفهمها، ولأنه يعلم أنه من فرط وضوحها لا يمكن للطرف الخائن أن يقدم أي اعتذارات أو تبريرات، تجعل من تعرض
للخيانة يتفهم أكثر، هو أصلًا يتفهم الأمر، كأنك تعطي عالم رياضيات معادلة من ثلاثة عوامل كلها مُعطاة. الخيانة بهذا المعنى ليست مجرد تملُّص من اتفاق، إنها اعتداء على العالم بصفته عالمًا مُركَّبًا ومُشفَّرًا ومبنيًّا على قواعد اجتماعية ونفسية وطبقية وشخصية بلا نهاية. إنها تعود بهذا العالم المُشفَّر إلى شكله الأوَّلي تمامًا، كأنه العالم ما قبل الحضارة، عالم نعرفه جيدًا، ونعرف كيف يسير، لكننا تركناه بمحض إرادتنا، وفجأة، تجد نفسك في هذا العالم الأوَّلي، غاضبًا ومستثارًا، وتندهش حتى من المشاعر الأوَّلية التي تحسها، ويُصعِّب هذا عليك -مهما أحببت- أن تحكي. ماذا تحكي بالضبط؟ الأمر مفهوم.
82
ثم هناك صداقات الاستعراض؛ اثنان يترابطان لأن صداقتهما تضيف إلى الصورة العامة لكلٍّ منهما حبكة درامية مطلوبة، إنها صداقة تشبُّث مُتبادَل. يحدث هذا بشكل أوضح مع من تطلب مهمتهم استعراضًا من البداية، مثل الشعراء والأدباء والفلاسفة والسياسيين. لم أحب قط أدب الرسائل لهذا السبب. أعرف أن المرء يستطيع التعبير عن نفسه أكثر حين يفترض شخصًا بالقرب منه، وكلنا نوجه حديثنا إلى مُخاطَب ما، لكن أدب الرسائل المكتوبة من الأصل بغرض النشر يتكئ على الصداقة ليصعد مرئيًّا إلى الجموع، إنه استعراض بكل ما للكلمة من معنى..