لم يستطع مؤرخو سير البطاركة على مدى العصور إخفاء دور المرأة المحوري في الكنيسة والبطاركة المصريين، خصوصًا وقت الأزمات، ومنهن الرئيسة دينا.
من غير المألوف أن يسطر التاريخ دور وتفاعل المرأة مع حاضرها وإسهامها به مثلما سجَلُ ملاحم الرجال وتأثيرهم وشجاعتهم وأعمالهم.. وهذا غير مستغرب فالتاريخ مُنتج ذكوري سجلته أيادي الذكور عبر العصور، وعلى الرغم من الثورة الفكرية التي قام بها المسيح فيما يخص المرأة وتحديه للأعراف الذكورية المنتشرة في مجتمعه فإن تاريخ الكنيسة المصرية أيضًا منتج ذكوري؛ بخاصة أنه يتمحور بالأساس حول دور رجال الدين/ الإكليروس المصريين، مع ذلك لم يستطع مؤرخو سير البطاركة على مدار العصور إخفاء دور المرأة المحوري في الكنيسة المصرية،
وكيف كانت في بعض الأحيان درع الحماية والدفاع عن بطاركتها.
أثناسيوس في حماية شابة سكندرية بالتأكيد لم يكن أثناسيوس البطريرك الأول الذي يرتبط اسمه بامرأة، لكن نشأته المختلفة جعلته قريبًا من المرأة أكثر ممن سبقوه، كانت والدته أول مشجع وداعم له، مما دعم شخصية أثناسيوس بدرجة جعلته، وهو ابن السابعة والعشرين تقريبًا، جديرًا بحضور أهم مجمع عُقد لمناقشة العقيدة المسيحية، مجمع نيقية 325م، ولم يكن مجرد حاضر عادى بل مشارك ومجادل ومحام عن دقة صياغة ألفاظ الإيمان المسيحى، ولأجل شخصيته
الاستثنائية للغاية، وبعد وفاة البطريرك السكندري أليكسندروس أستاذه، انتخبه الأساقفة وهو في أوائل الثلاثينيات ليعتلي العرش البطريركي السكندري. اكتسب أثناسيوس شعبية طاغية لم يسبقه لها أي بطريرك عند مختلف طبقات الشعب المصري داخل وخارج الإسكندرية مما سبب له الكثير من المتاعب والعداوات وخاصة مع الدولة الرومانية، فقد تصاعد نجمه حتى أصبح رمزًا وزعيمًا للمصريين؛ لذا عدته الإمبراطورية تهديدًا مباشرًا لسلطتها العسكرية وأمنها الغذائي، فقد كان خصوم أثناسيوس يشتكونه أمام الإمبراطور ناسبين له نية منع مراكب