عن العبودية يبحث هذا الفصل من كتاب "مصر كأمرأة" لبيث بارون جذور الجدل حول "مسألة المرأة"، والتغيرات الاجتماعية التي وقعت بامتداد القرن التاسع عشر..
جذور جدل مسألة المرأة
بشكلٍ مُكثف ناقش العلماء نشأة الأمم وأصولها، وقد وافق معظم المؤرخين على أن الأمم في العصر الحديث "تُبنى" أو "تُخترع" أو "تُتخيل". لكنها، مع ذلك، لا تُخترع من لا شيء؛ فالقوميون مقيدون بالمعطيات الثقافية والأعراق الموجودة على الأرض، والظروف الاجتماعية والاقتصادية.لذا تتطور بعض "الإثنيات" إلى أمم، ويستوعب البعض في مشروع وطني أكبر، أما البعض الآخر فيضمر أو يختفي. تتحدى دراسات النوع الاجتماعي بعض الافتراضات المتعلقة ببناء الأمم ونشأتها، وترى أن النوع الاجتماعي معطى بالغ الأهمية في إنتاج وإعادة إنتاج الهويات العرقية والوطنية.
والنواة الأساسية لهذا الإنتاج والتكاثر هو الأسرة. في مطلع القرن العشرين، ظهرت "مسألة المرأة"؛ وبدأ الجدل حول أدوار الجنسين في الأسرة والمجتمع يشغل القوميين المصريين. وللتخفيف من حدة الاختلافات العرقية وغيرها وبناء شعور بالهوية الجمعية استخدم هؤلاء القوميون مجموعة من الاستعارات العائلية.
يبحث هذا الفصل في جذور الجدل الذي دار في مطلع القرن حول "مسألة المرأة"، وفي التغيرات الاجتماعية التي وقعت على امتداد القرن التاسع عشر، وهو القرن الذي بدأ في مصر مع الاحتلال الفرنسي (1798 إلى 1801) وانتهى في بداية الحرب العالمية
الأولى (1914)، عندما أصبحت مصر محمية بريطانية. ويربط بين التحولات في عائلات النخبة، وبخاصة تلك الناجمة عن نهاية عبودية الحريم وبين نشأة الأمة والخطاب القومي. وهو كذلك يرى أن الأزمة العائلية المتصورة في مطلع القرن ينبغي أن يُنظر إليها (تُدرس) في سياق تغير الأسر العثمانية المصرية، فضلاً عن البرجوازية الناشئة. فالعديد من النساء القوميات اللاتي سنواجههن لاحقًا كن بنات ما يمكن تسميته الأسر العثمانية المصرية متعددة الأعراق. لكن الماضي العثماني المصري وتنوعه العرقي قمع ومُحي بشكل فعال من الذاكرة الجمعية والروايات التاريخية.